الشراكة السعودية الأمريكية- حجر الزاوية للاستقرار والازدهار الإقليمي
المؤلف: سلطان السعد القحطاني09.19.2025

تترقب العاصمة السعودية الرياض وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في غضون شهر مايو القادم، وتكتسب هذه الزيارة المرتقبة أهمية بالغة، إذ يُنظر إليها كمنعطف حاسم قد يرسخ ملامح السياسة التي سيتبناها الرئيس الجديد على امتداد ولايته الرئاسية. وفي صميم هذه السياسة، يبرز تعزيز العلاقات المتينة مع دول المنطقة، والتصدي للقوى التي تسعى إلى تقويض الاستقرار في هذا الجزء الحيوي من العالم، وإعاقة تطلعاته نحو مستقبل مزدهر.
يشكل التعاون الوثيق بين الرياض وواشنطن ركيزة أساسية في إرساء دعائم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وذلك بعد إزاحة القوى الهدامة التي تسببت في تفكك الدول، وعرقلة مسيرة التنمية والتقدم.
تُصنف العلاقات السعودية الأمريكية كإحدى أهم الشراكات الإستراتيجية على مستوى العالم، وذلك لما تنطوي عليه من تأثير عميق على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، بالإضافة إلى دورها المحوري في دعم الاقتصاد العالمي. وتمتد جذور هذه العلاقة الوطيدة إلى ما يقارب تسعة عقود، وبالتحديد منذ اللقاء التاريخي الذي جمع الملك عبدالعزيز آل سعود بالرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت عام 1945، حيث تم حينها وضع اللبنات الأساسية لتحالف راسخ يقوم على تبادل المصالح الاقتصادية والسياسية والأمنية.
يتصدر التعاون في مجال الطاقة قائمة مرتكزات هذه العلاقة المتميزة، حيث تُعد المملكة العربية السعودية من أبرز الدول المصدرة للنفط على مستوى العالم، بينما تعتبر الولايات المتحدة من أكبر الدول المستهلكة. وقد أسهم هذا التعاون الحيوي في تحقيق الاستقرار في أسواق النفط العالمية، وضمان إمدادات الطاقة بشكل آمن ومنتظم، مما كان له بالغ الأثر في دعم نمو الاقتصاد العالمي وتجنب أزمات الطاقة المتكررة. كما شهدت العلاقات الاقتصادية تطوراً ملحوظاً، لتشمل الاستثمارات المتبادلة، والتعاون المثمر في مجالات التكنولوجيا والتعليم والبنية التحتية.
على الصعيد السياسي، تضطلع كل من السعودية والولايات المتحدة بدور محوري في تعزيز الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، لاسيما في مواجهة التحديات الجسام مثل الإرهاب، والصراعات الإقليمية، والتدخلات الخارجية التي تهدد أمن الدول. وقد ساهم التنسيق الأمني والاستخباراتي الوثيق بين البلدين في الحد من تهديدات الجماعات المتطرفة، ودعم الجهود الدولية الرامية إلى مكافحة الإرهاب وتعزيز السلام، وبناء مستقبل آمن ومستقر.
تُعد زيارة رئيس أمريكي إلى السعودية، كما هو الحال مع الرئيس دونالد ترامب، دلالة واضحة على الأهمية التي توليها واشنطن للمملكة كمحور إستراتيجي في سياستها الخارجية. وغالباً ما تكون مثل هذه الزيارات بمثابة نقطة انطلاق لمبادرات دبلوماسية كبرى، وصفقات اقتصادية ضخمة، وترتيبات دفاعية جديدة، تؤكد جميعها على عمق الشراكة الإستراتيجية بين الطرفين، وتطلعهما المشترك نحو مستقبل أكثر ازدهاراً.
ولا يقتصر تأثير هذه العلاقة على البلدين فقط، بل يمتد ليشمل العالم بأسره. فعندما تسود روح التوافق والتعاون بين الرياض وواشنطن، ينعكس ذلك إيجاباً على استقرار الأسواق المالية، والتنسيق الدولي الأوسع، وتحقيق التوازن في السياسات العالمية تجاه القضايا الكبرى، مثل التغير المناخي، والأمن الغذائي، والتنمية المستدامة، وبناء عالم يسوده السلام والرخاء.
وبشكل عام، تُعتبر العلاقة السعودية الأمريكية بمثابة حجر الزاوية في النظام الدولي، وذلك لما تحققه من مصالح إستراتيجية مشتركة، وما توفره من فرص للنمو والازدهار والاستقرار في منطقة بالغة الحساسية والتأثير كالشرق الأوسط، والتي تعتبر محوراً رئيسياً في التوازنات العالمية.